control مراقب
عدد الرسائل : 219 المزاج : رايق تاريخ التسجيل : 09/09/2008
| موضوع: الصديق الصالح.....للعبرة والعظة. الأحد سبتمبر 14, 2008 5:06 am | |
| في إحدى المحاضرات وصلت ورقة صغيرة كُتبت بخطٍ غيرواضح ، تمكنت من قراءتها بصعوبة بالغة ... مكتوب بها:
فضيلة الشيخ : هل لديك قصة عن أصحاب أو أخوان ... أثابك الله ؟؟
كانت صيغة السؤال غير واضحة، والخط غيرجيد ... سألت صديقي: ماذا يقصد بهذا السؤال ؟
وضعتها جانباً، بعد أن قررت عدم قراءتها على الشيخ .. مضى الشيخ يتحدث في محاضرته والوقت يمضي .. أذن المؤذن لصلاة العشاء .. توقفت المحاضرة ، وبعد الآذان عاد الشيخ يشرح للحاضرين، طريقة تغسيل وتكفين الميت عملياً وبعدها قمنا لأداء صلاة العشاء
وأثناء ذلك أعطيت أوراق الأسئلة للشيخ ومنحته تلك الورقة التي قررت أن استبعدها، ظننت أن المحاضرة قد انتهت .. وبعد الصلاة طلب الحضور من الشيخ أن يجيب على الأسئلة .. عاد يتحدث وعاد الناس يستمعون ومضى السؤال الأول والثاني والثالث .. هممت بالخروج ، استوقفني صوت الشيخ وهو يقرأ السؤال .. قلت : لن يجيب فالسؤال غير واضح .. لكن الشيخ صمت لحظة ثم عاد يتحدث : جاءني في يوم من الأيام جنازة لشاب لم يبلغ الأربعين، ومع الشاب مجموعة من أقاربه ، لفت انتباهي ، شاب في مثل سن الميت يبكي بحرقة ،شاركني الغسيل ، وهو بين خنين ونشيج وبكاء رهيب يحاول كتمانه ، أما دموعه فكانت تجري بلا انقطاع .. وبين لحظةٍ وأخرى أصبره وأذكره بعظم أجر الصبر .. لسانه لا يتوقف عن قول : إنا لله وإنا إليه راجعون، لا حول ولا قوة إلا بالله
هذه الكلمات كانت تريحني قليلاً .. بكاؤه أفقدني التركيز ، هتفت به بالشاب .. إن الله أرحم بأخيك منك، وعليك بالصبر التفت نحوي وقال
إنه ليس أخي
ألجمتني المفاجأة، مستحيل ، وهذا البكاء وهذاالنحيب .. نعم إنه ليس أخي ، لكنه أغلى وأعز عليّ من أخي سكت ورحت أنظر إليه بتعجب ، بينما واصل حديثه .. إنه صديق الطفولة ، زميل الدراسة ، نجلس معاً في الصف وفي ساحة المدرسة ، ونلعب سوياً في الحارة ، تجمعنا براءة الأطفال مرحهم ولهوهم كبرنا وكبرت العلاقة بيننا ، أصبحنا لا نفترق إلادقائق معدودة ، ثم نعود لنلتقي ، تخرجنا من المرحلة الثانوية ثم الجامعة معاً
التحقنا بعمل واحد .. تزوجنا أختين .. سكنا في شقتين متقابلتين .. رزقني الله بابن وبنت ، وهو أيضاً رُزق ببنت وابن .. عشنا معاً أفراحنا وأحزاننا ، يزيد الفرح عندما يجمعنا ، وتنتهي الأحزان عندما نلتقي .. اشتركنا في الطعام والشراب والسيارة نذهب سوياً ونعود سوياً .. واليوم ... توقفت الكلمة على شفتيه وأجهش بالبكاء
ثم قال
يا شيخ هل يوجد في الدنيا مثلنا؟؟
خنقتني العبرة ، تذكرت أخي البعيد عني ، لا .. لايوجد مثلكما
أخذت أردد ، سبحان الله ، سبحان الله ، وأبكي رثاء لحاله
انتهيت من غسله ، وأقبل ذلك الشاب يقبله .. لقد كان المشهد مؤثراً ، فقد كان ينشق من شدة البكاء، حتى ظننت أنه سيهلك في تلك اللحظة .. راح يقبل وجهه ورأسه ، ويبلله بدموعه .. أمسك به الحاضرون وأخرجوه لكي نصلي عليه
وبعد الصلاة توجهنا بالجنازة إلى المقبرة .. أما الشاب فقد أحاط به أقاربه .. فكانت جنازة تحمل على الأكتاف ، وهو جنازة تدب علي الأرض دبيباً وعند القبر وقف باكياً ، يسنده بعض أقاربه
سكن قليلاً ، وقام يدعو ، ويدعو
انصرف الجميع
عدت إلى المنزل وبي من الحزن العظيم ما لا يعلمه إلاالله ، وتقف عنده الكلمات عاجزة عن التعبير
وفي اليوم الثاني وبعد صلاة العصر ، حضرت جنازة لشاب، أخذت أتأملها ، الوجه ليس غريب ، شعرت بأنني أعرفه ، ولكن أين شاهدته .. نظرت إلى الأب المكلوم ، هذا الوجه أعرفه ... تقاطر الدمع على خديه ، وانطلق الصوت حزيناً .. يا شيخ لقد كان بالأمس مع صديقه .. يا شيخ بالأمس كان يناول المقص والكفن ، يقلب صديقه، يمسك بيده ، بالأمس كان يبكي فراق صديق طفولته وشبابه ، ثم انخرط في البكاء .. انقشع الحجاب ، تذكرته ، تذكرت بكاءه ونحيبه
رددت بصوت مرتفع : كيف مات ؟
عرضت زوجته عليه الطعام ، فلم يقدر على تناوله ، قررأن ينام ، وعند صلاة العصر جاءت لتوقظه فوجدته .....وهنا سكت الأب ومسح دمعاً تحدر على خديه ، رحمه الله لم يتحمل الصدمة في وفاة صديقه، وأخذ يردد
إنا لله وإنا إليه راجعون .. إنا لله وإنا إليه راجعون
اصبر واحتسب ، اسأل الله أن يجمعه مع رفيقه في الجنة ، يوم أن ينادي الجبار عز وجل : أين المتحابين فيِّ اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي ..
قمت بتغسيله ، وتكفينه ، ثم صلينا عليه توجهنا بالجنازة إلى القبر ، وهناك كانت المفاجأة لقد وجدنا القبر المجاور لقبر صديقه فارغاً قلت في نفسي: مستحيل .. منذ الأمس لم تأت جنازة ، لم يحدث هذا من قبل
أنزلناه في القبر الفارغ ، وضعت يدي على الجدار الذي يفصل بينهما ، وأنا أردد ، يا لها من قصة عجيبة ، اجتمعا في الحياة صغاراًوكباراً ، وجمعت القبور بينهما أمواتاً خرجت من القبر ووقفت أدعو لهما : اللهم اغفر لهما وأرحمهما ، اللهم واجمع بينهما في جنات النعيم على سرر متقابلين ، في مقعد صدق عند مليك مقتدر ، ومسحت دمعة جرت ، ثم انطلقت أعزي أقاربهما
انتهى الشيخ من الحديث ، وأنا واقف قد أصابني الذهول، وتملكتني الدهشة ، لا إله إلا الله ، سبحان الله ، وحمدت الله أن الورقة وصلت للشيخ وسمعت هذه القصة المثيرة ، والتي لو حدثني بها أحد لما صدقتها وأخذت أدعو لهما بالرحمة والمغفرة
قصة ذكرها أحد الشيوخ ممن يغسلون الموتي
*********
من يقول في نفسه أن الصديق لا يؤثر في صديقه فهويكذب على نفسه و يضيعها فلو كان الصديق الفاسد لا يؤثر بين أصدقاء صالحين .. فما بالكم بالتفاحة الفاسدة التي تخرب صندوقا كاملا من التفاح الطازج بينها ؟؟
فانظر لنفسك و انتقِ أصدقاءك
وكن صديقا صدوقا وبادر دوما بالصلح وكن نعم الصديق، فربّ أخ لم تلده لك أمك .. فالصديق الصدوق هو من يدوم، لا صديق المصلحة فقط ، وصديقك الحقيقي هو من صدَقَك بالقول والفعل وخاصةعند الشدائد لا من صدّقك وأومأ برأسه بأنه يصدق كل ما تقول وربما هو الظاهر فقط
فلنحتفظ بأصدقائنا المخلصين ولنكن نِعمَ الأصدقاء قولاوعملا
قال عمر رضي الله عنه
:: الراحة للرجل غفلة ::
و قال شعبة بن الحجاج
:: لا تقعدوا فراغاً فإن الموت يطلبكم ::
اللهم اغفر له ولوالديه وللمسلمين أجمعين ما تقدم من ذنبهم وما تأخر وقِهم عذاب القبر وعذاب النار وأدخلهم الفردوس الأعلى مع الأنبياء والشهداء والصالحين واجعل دعاءهم مستجاب في الدنيا والآخرة اللـــهم
آمـيييييييييييييييين
لا تنسوني من صالح دعائكم قرأتها ...اعجبتني..وابكتني.. في زمن لا اصدقاء فيه | |
|
المدير العام Admin
عدد الرسائل : 227 العمر : 41 تاريخ التسجيل : 09/09/2008
| موضوع: رد: الصديق الصالح.....للعبرة والعظة. الأحد سبتمبر 14, 2008 11:33 pm | |
| شكرا على الموضوع دمتا متألقا ودمت بود | |
|